تمييز واضح بين منتخبي السلة: أين العدالة في دعم الرياضيين؟



كتب:عبدالسلام شليبك

مرة أخرى، تثبت وزارة الرياضة أنها تعتمد معايير مزدوجة في التعامل مع المنتخبات الوطنية، فبينما تحظى بعض الفرق بحفاوة الاستقبال والاحتفالات الرسمية والتكريم بحضور كبار المسؤولين، يتم تجاهل فرق أخرى رغم تحقيقها لإنجازات كبيرة.

الاحتفالية التي نظمها الوزير عبد الشفيع الجويفي لتكريم منتخب كرة السلة للأشخاص غير ذوي الإعاقة على تأهله لنهائيات أفروباسكيت أنغولا 2025، لم تقتصر فقط على الحضور الرسمي والمراسم الفخمة، بل شملت أيضًا مكافآت مالية سخية، حيث منح الوزير 50,000 دينار لكل لاعب، و25,000 دينار لكل فرد من الطاقم الفني والإداري، مع وعود بمزيد من الدعم خلال البطولة القادمة. في المقابل، لم يحصل منتخب ليبيا لكرة السلة على الكراسي المتحركة تحت 23 سنة على أي دعم مماثل، رغم أنه لم يخض مجرد تصفيات، بل لعب بطولة قارية كاملة ووصل إلى النهائي، محققًا فضية بطولة أفريقيا في جنوب أفريقيا.



ظروف إعداد غير متكافئة ومعاناة مستمرة

لم تتوقف الفوارق عند التكريم، بل بدأت حتى قبل انطلاق المنافسات. فقد تمكن منتخب كرة السلة للأشخاص غير ذوي الإعاقة من خوض معسكر تدريبي خارجي في مصر بظروف تجهيز مثالية، بينما أُجبر منتخب كرة السلة على الكراسي المتحركة على الاكتفاء بمعسكر داخلي لمدة 10 أيام فقط، وسط صعوبات وإمكانيات محدودة. ورغم هذه الظروف، استطاع المنتخب تقديم أداء مشرف والوصول إلى المباراة النهائية، مما يعكس إصرار اللاعبين وإمكانياتهم العالية، لكنه أيضًا يفضح التجاهل الحكومي المستمر تجاه رياضة الأشخاص ذوي الإعاقة.

استغلال سياسي على حساب رياضيي الإعاقة

المعاملة التفضيلية التي حصل عليها منتخب كرة السلة للأشخاص غير ذوي الإعاقة ليست مجرد تفضيل رياضي، بل تحمل أبعادًا سياسية واضحة. هذا المنتخب يحظى بجماهيرية واسعة، ما يجعله ورقة رابحة للاستغلال السياسي، بينما يتم تجاهل منتخب كرة السلة على الكراسي المتحركة رغم إنجازه القاري. وهذا التمييز ليس مجرد صدفة، بل هو نهج متكرر في السياسة، حيث يتم الاستثمار في الرياضات التي تحظى بشعبية وجماهيرية، حتى لو كان ذلك على حساب رياضيي الإعاقة الذين يتم تهميشهم رغم رفعهم لراية ليبيا في المحافل الدولية.

تصريح خالد الرقيبي

وفي تعليق له على هذا التمييز، قال السيد خالد الرقيبي، رئيس اللجنة البارالمبية الليبية: "كان من المفترض أن يتم تكريم لاعبي منتخبنا الوطني على إنجازاتهم أيضًا من قبل الوزير. أعتقد أن التصريح كان دبلوماسيًا أكثر مما ينبغي، وتمنيت لو كان هناك المزيد من الجدية في التعامل مع موضوع يتعلق بحقوق لاعبينا."

التزامات ليبيا وفق الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

إن هذا التمييز الواضح في التعامل بين المنتخبات الوطنية يتعارض مع الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والتي صادقت عليها ليبيا، مما يلزمها قانونيًا بضمان المساواة وعدم التمييز في جميع المجالات، بما في ذلك الرياضة. وتنص المادة 30 من الاتفاقية على أن الدول الأطراف يجب أن تتخذ جميع التدابير المناسبة لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من المشاركة في الأنشطة الرياضية والترفيهية على قدم المساواة مع الآخرين، بما يشمل توفير الدعم اللازم لهم، وضمان الاعتراف بإنجازاتهم الرياضية.

وبما أن منتخب كرة السلة على الكراسي المتحركة حقق إنجازًا قاريًا مشرفًا، فإن عدم حصوله على تكريم ودعم مماثل لما حصل عليه منتخب كرة السلة للأشخاص غير ذوي الإعاقة يمثل خرقًا واضحًا لالتزامات ليبيا الدولية، ويفرض تساؤلات جدية حول مدى التزام الدولة بمبادئ العدالة والمساواة التي تعهدت بها أمام المجتمع الدولي.

 يستحق لاعبو منتخب كرة السلة على الكراسي المتحركة نفس التكريم والدعم، لا لكونهم أصحاب إعاقة، بل لأنهم رياضيون محترفون مثل غيرهم، حققوا إنجازًا قاريًا في ظل تحديات كبيرة. وإذا كانت الرياضة وسيلة لتعزيز العدالة والمساواة، فيجب أن تبدأ هذه المبادئ من داخل المؤسسات المسؤولة عنها.